لقد تحدثنا في عدة مقالات سابقة عن مفهوم الصلاة في الإيمان المسيحيّ، وعن أهميتها، وكيف استعد للصلاة. وفي هذا المقال سنتناول أنواع الصلاة. من المهم على المؤمن أن يمارس كل أنواع الصلاة إذا كان هذا متاح له. يمكننا تصنيف الصلاة إلى صلاة فرديّة وجماعيّة. وبجانب هذا التصنيف يمكننا تصنيف الصلاة إلى عدة أنواع مبنية على أساس محتوى الصلاة. في هذا المقال سنتحدث بأكثر تحديد عن الصلاة الفرديّة والجماعيّة.
نجد كثير من الآيات في العهد القديم والجديد عن الصلاة الفرديّة. فيمتلئ سفر المزامير من الصلوات والآيات التي تعكس الرغبة الداخليّة لداوود في الإختلاء بالله مثل:
إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ يَا سَاكِنًا فِي السَّمَاوَاتِ
مزمور 123: 1
وأيضًا: بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَصْرُخُ، فَيُجِيبُنِي مِنْ جَبَلِ قُدْسِهِ
مزمور 3: 4
وأيضًا: يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ،
مزمور 63: 1
فهنا داوود يشرح انه لا يذهب للصلاة لمجرد تأديّة فريضة أو ترديد كلمات لكنه يصلى لكي يلتقي بالله، لأنه مشتاق للقاء الله، وليرى الله، ليتكلم مع الله، ليسمع الله، وليستمتع بالله في صلاة فرديّة خاصة جدًا بينه وبين الله. يُصلي ليطرح فيها كل مافي قلبه وكل ما لا يستطع أن يخبر به أي انسان يطرحه أمام الله في خلوة شخصيّة. ولقد علّم الرب يسوع الجموع عن الصلاة الفردية في متى 6: 6 قائلًا:
أَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ.
تُعتبر الصلاة الفرديّة صخرة النمو الروحيّ التي بدونها يضعف الإنسان روحيًا ويصير فريسه سهلة لمشاكل الحياة وللشكوك. إن النمو في الصلاة الفرديّة والرغبة فيها دليل على صحة النمو الروحيّ للانسان. يُمكنك أن تصلي صلاتك الفرديّة مع الله في أي مكان وأي زمان تفضله وبأي طريقة تفضلها. المهم أن تكون الصلاة الفرديّة لقاء حقيقيّ مع الله.
أما الصلاة الجماعية هي صلاة مع مؤمنين آخرين. وهدف الصلاة الجماعيّة أننا كعائلة وكمجموعة مؤمنين ندخل معًا إلى حضور الله. ندخل معًا الى إعلان مجد الله عن نفسه، ونسبحه، ونمجده، ويشجعنا معا، ويؤدبنا، ويعلمنا طرقه، فنخرج متغيرين معًا، وناميين معًا في العلاقة مع الله. وهذا ما يعلمه الكتاب المقدس في كورنثوس الثانية 3: 18
وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.
توجد عدة أمثلة للصلاة الجماعيّة في العهد القديم والجديد. ففي العهد القديم نجد مجموعة من المزامير تُسمى ترانيم المصاعد وهي الصلوات والأناشيد التي كان يرددها شعب إسرائيل عندما يذهبوا الى بيت الله ليصلوا معًا. ففي مزمور 42: 4 يقول:
هذِهِ أَذْكُرُهَا فَأَسْكُبُ نَفْسِي عَلَيَّ: لأَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ مَعَ الْجُمَّاعِ، أَتَدَرَّجُ مَعَهُمْ إِلَى بَيْتِ اللهِ بِصَوْتِ تَرَنُّمٍ وَحَمْدٍ، جُمْهُورٌ مُعَيِّدٌ.
وفي العهد الجديد نجد مثال واضح عندما يشرح سفر أعمال الرسل 1: 13- 14 قائلًا:
وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ. هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.
الصلاة الجماعية ليس معناها انك يجب ان تذهب الى مبنى كنيسة أة إلى مكان معين ثابت، لكن الصلاة الجماعية ممكن ان تحدث في المنزل إذا اجتمع اثنين او ثلاثة ليصلوا معًا. الصلاة الجماعيّة يمكن أن تحدث في أي مكان وأي وقت فليس شرطًا أن تحدث يوم الأحد مثلُا. لكن أنت ومجموعتك من المؤمنين يمكنكم أن تحددوا مكان وميعاد الصلاة الجماعيّة معًا. يمكنك أن تبدأ وتكون مجموعة من المؤمنين وتجتمعوا معًا في منزل وتصلوا معًا وتختبروا بركات الصلاة الجماعيّة معًا.
الكاتبة: لمياء نور
Masters of Arts in Theology, ETSC
أسئلة مُشابِهة
الصلاة في الإيمان المسيحي، الجزء الأول: مفهوم الصلاة
الصلاة في الإيمان المسيحي، الجزء الثاني: لماذا نحتاج أن نصلي؟
الصلاة المسيحية، الجزء الثالث: كيف استعد للصلاة؟