two girls hugging

أمام الاختبار الحقيقي للصَّداقة، ماذا فعلت مروى عند مرض صديقتها زينب؟

مروى وزينب صديقتان منذُ أيَّام الطُّفولة، كبُرَتا معاً وتدرَّجتا على مقاعد الدِّراسة سَوِيّاً إلى أن ابتدأتا المشوار الجامِعي واختارتا التَّخصُّص ذاته، تخصُّص عِلم الأحياء.

كانتا فتاتين جميلتين فمروى حنطيَّة البشَرة بشَعر كستنائي برَّاق، وزينب سَمراء البشَرة بشَعر حالِك السَّواد، وكم اهتمَّت الفتاتان بشَعرهما الجميل فراحَتا تُطيلانه دون قَصِّه، حتَّى أنَّ المُعلِنين عن مُستحضرات تنظيف الشَّعر والعِناية به كانوا يتهافتون لإقناع مروى وزينب من أجل تصوير إعلان أو حُضور فعاليَّة تهتمّ بجَمال الشَّعر والعِناية به.

كان يوماً كباقي الأيَّام أحسَّت فيه زينب بانزِعاجٍ شديدٍ في رأسها، فرافقتها مروى لمنزلها لكنَّ زينب وقعت أرضاً مغشيّاً عليها وبعد عدَّة أيَّام في المستشفى وعدَّة تحاليل أجراها لها الطَّبيب، تبيَّنَ بأنَّ زينب تُعاني من ورَمٍ في المُخّ وبأنَّها تحتاج لعمليَّة جراحيَّة مُستعجَلة لاستئصاله.

وطلبَ الطَّبيب أن يُحلَق رأس زينب من أجل إجراء العمليَّة، فراحَت زينب تصرُخ عالياً وتبكي رافِضةً أن يقترب منها المُمرِّض ليقُصَّ شَعرها، لكن مروى التي لم تُفارِق صديقتها منذُ أن دخلت المستشفى اقتربَت وأمسَكت بيَد زينب لكي تُهدِّئ من رَوعِها وطلبَت من المُمرِّض أن يبدأ بحلاقة شَعر زينب وسط الدُّموع والحُزن الذي كان يُخيِّم على الموقف.

التضحية والوفاء

وبعد أن أُجرِيَت العمليَّة وصحَت زينب من التَّخدير، طمأنَها الطَّبيب بأنَّ الورَم الذي استأصلهُ هو ورَم حَميد وبأنَّ العمليَّة تمَّت بنجاح وأنَّها ستستعيد عافيَتها بعد مُدَّة، سُرَّت زينب بما سَمِعتهُ من الطَّبيب لكنَّها كانت مُتفاجئة وقَلِقة لأنَّها لم ترَ مروى معها في الغُرفة. وما هي إلَّا دقائق قليلة وإذ بمروى تدخُل مُبتسمة وقد قصَّت شَعرها فأصبحَ قصيراً جدّاً جدّاً، وتحمل في يدها شَعرها الجميل الذي حوَّلته لشَعرٍ مُستَعار (باروكة)، فاقترَبت من زينب وحاوَلت أن تَضع الشَّعر برِفق على رأسها الملفوف بالشَّاش وهي تقول: لِنرى إن كانَ الشَّعر الكستنائيّ يليقُ بكِ يا صديقتي الجميلة؟

فتأثَّرت زينب من شِدَّة الوَفاء والإخلاص الذي رأتهُ من صديقتها، وعانقتا بعضهما والدُّموع تملأ عيناهُما.

قدَّمت مروى تضحِية كبيرة، فهي تنازلَت عن شَعرها الجميل الذي كانت تتباهى بهِ لكي لا تُشعِر صديقتها بالنَّقص أو بنظرَة الشَّفقة من قِبَل الآخَرين. وبذلك نتعلَّم بأنَّ الوقوف إلى جانب بعضنا بعضاً في أوقات الشِّدَّة هو أمر بالِغ الأهمِّيَّة حتَّى ولو تطلَّب الأمر منَّا التَّضحية بأعزّ ما نَملك. لكن التَّضحية الكُبرى نتعلَّمها من الله الذي ضحَّى بِابنه الوَحيد من أجلِنا نحنُ الخُطاة، إذ قدَّمهُ ليَذوق لعنَة الموت بدَلاً عنَّا لكي نحصُل من خلالهِ على الحَياة الأبديَّة.

“لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (إنجيل يوحنَّا 16:3)


مقالات مُشابِهة

الأم الثكلى
ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.