كان دَور الأنبياء في العهد القديم دَوراً فريداً من نوعه. فكانوا هم المُتكلِّمين بِاسم الله والمُنبِّهين الشَّعب بألَّا يكسِروا وَصاياه. ولكن أهمّ دَور لعبهُ هؤلاء الأنبياء، كما سنرى في هذا المقال، هو أن يقودوا النَّاس نحو المسيح الآتي.
النَّبي بالنِّسبة للفِكر البشَري، هو شخص بإمكانهِ أن يعلَم المُستقبَل. فهو يتنبَّأ بالمُستقبَل ويُخبِر الشَّعب به. ولكن بالنِّسبة للفِكر الإلهي المُوحى به في الكتاب المقدَّس، النَّبي هو شخص عادي! فأنبياء الكتاب المقدَّس هم أشخاص إسرائيليُّون قد قابلوا الله من خلال لِقاء جَذري غيَّرَ فيه الله حَياتهم وكلَّفهُم بأن يذهبوا ويتكلَّموا نِيابةً عنه.
كان الأنبياء يهتمُّونَ بالعلاقة المُتبادَلة الموجودة بين شعبهم وبين الله العَليّ. فالله كان قد خلَّصَ إسرائيل من العبوديَّة وبقيَ يقودهم ويرعاهم منذ ذلك الوقت. وهذه العلاقة بين الله وشعبه كانت مُتمَحوِرة حول عهده معهم.
دور الأنبياء
خلال تاريخهم، قام قادَة شعب إسرائيل أي القُضاة والمُلوك بالتَّمرُّد على الله وعدَم طاعَة كلامه وقيادَة الشَّعب إلى الأمر عَينه. فأرسلَ الله الأنبياء ليُذكِّروا شعب إسرائيل بمسؤوليَّاتهم تجاه هذا العهد المَقطوع مع الله، وقاموا بذلك من خلال ثلاث طرُق:
1- كانوا يتَّهمون الشَّعب بكَسر الوَصايا بشكل مُستمِرّ وارتكابهم عدَّة خطايا (عبادة الأوثان…)
2- كانوا يَدعون الشَّعب إلى التَّوبة، أي إلى العَودة إلى الله وتَرك خطاياهم.
3- كانوا يُنبِّهون الشَّعب عن مَخاطِر كَسر وَصايا الرَّب من خلال وَصف غضَب الله الَّذي سوف ينسَكب في “يوم الرَّب”.
كان الأنبياء مَكروهين بشكل أو بآخَر من قِبَل النَّاس لأنَّهم كانوا دائماً يُكلِّمونهم بما لا يُريدون أن يَسمعوه!
وضِمن كلّ هذه الأُمور التّي قام بها الأنبياء، كان هدفهُم الأساسيّ أن يُشيروا إلى المسيح، المَلِك المُنتظَر الَّذي سوف يصنَع فِداءً أبديّاً لكُلّ من يؤمن به. فخِلال سَير الرَّب يسوع على طريق عِمواس، التَقى بتِلميذَين كانا حَزينَين بأنَّ المسيح قد مات! فوبَّخهُما يسوع على عدم إيمانهما بأنّه قام و من ثمّ:
“ثُمَّ أَخَذَ يُفَسِّرُ لَهُمَا، مُنْطَلِقاً مِنْ مُوسَى وَمِنَ الأَنْبِيَاءِ جَمِيعاً، مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.” (إنجيل لوقا 27:24)
وهذا تَصديقاً منهُ على أنَّ كلام الأنبياء كان يُشير إليه!
كان هدفهُم الأساسيّ أن يُشيروا إلى المسيح، المَلِك المُنتظَر الَّذي سوف يصنَع فِداءً أبديّاً لكُلّ من يؤمن به
من هم الأنبياء؟
تُقسَّم أسفار الأنبياء في الكتاب المقدَّس إلى قسمين:
الأنبياء الكبار
- إشَعياء
- إرميا
- حزقِيال
- دانيال
الأنبياء الصغار
- هوشَع
- يوئيل
- عاموس
- عوبَديا
- يونان
- مِيخا
- ناحوم
- حَبَقُّوق
- صَفَنيا
- حَجَّي
- زَكرِيَّا
- مَلاخي
بالنِّسبة لتَسمِية “كِبار” و”صِغار” فهي فقط مُستَندة على كبر أو صغر السِّفر وليسَ على أهميَّة النَّبي.
خاتم الأنبياء
يُعتبَر يوحنَّا المَعمدان خاتم أنبياء العهد القديم، أي الأنبياء الَّذين كانوا مُعيَّنين من الله ليُشيروا إلى المسيح المُنتظَر. وهذا ما قام به يوحنَّا:
“وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي رَأَى يُوحَنَّا يَسُوعَ آتِياً نَحْوَهُ، فَهَتَفَ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ حَمَلُ اللهِ الَّذِي يُزِيلُ خَطِيئَةَ الْعَالَمِ. هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ إِنَّ الرَّجُلَ الآتِيَ بَعْدِي مُتَقَدِّمٌ عَلَيَّ لأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ أُوْجَدَ. وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ وَلَكِنِّي جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ لِكَيْ يُعْلَنَ لإِسْرَائِيلَ.” (إنجيل يوحنَّا 29:1-31)
فبعد أن أتى المسيح وتمَّم الفِداء، مُتمِّماً دَوره الإلهي ككاهِن (قدَّم ذبيحة عن الشَّعب) ومَلِك (دَخل كمَلِك إلى أورشَليم وهو يَملك الآن إلى أن يضَع أعداءهُ تحتَ قدَميه) ونَبيّ (بشَّرَ وأعلَن مَلَكوت الله للشَّعب)، ما الفائدة من وجود نَبي آخَر بعدهُ؟ فبما أنَّ النَّبي دَوره هو أن يدُلّ النَّاس على المسيح وعَمله، وبما أنَّ المسيح أتى وأكملَ عَملهُ، فما نَفع وجود نَبي يأتي بعدهُ؟
الخاتمة
دَور المؤمنين اليوم هو أن يتصرَّفوا كمُمثِّلين للمسيح من ناحِيَة إخبار النَّاس عنهُ وعن خَلاصهِ العظيم. فكما قام أنبياء العهد القديم بدَورهم بإشارة أصابعهم نحو المسيح، علينا كمؤمنين بالرَّب يسوع، السَّيِّد المُطلَق، بأن نُشير إليهِ بكُلّ ما لدَينا لكي يَخلُص كلّ يؤمن به.
الكاتب: الأخ كمال
Minister & Theologian
مقالات مُشابِهة
من كان هؤلاء الأنبياء؟
معجزات إيليا وأليشع
ما هي نبوءات العهد القديم التي تممها يسوع؟