أهمية معرفة الكتاب المقدس

“وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.” (إنجيل يوحنَّا 3:17)

بدون معرفة الرَّب والعيش في علاقة معه على الأرض، لا حياة أبديَّة معه في السَّماء. هذا هو سبب أهميَّة معرفة وقراءة الكتاب المقدَّس. فهو يعرِّفنا على من هو الرَّب الإله وكيف يرانا نحن البشر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكتاب المقدَّس يعرِّفنا كيف يُريد الرَّب أن يُخلِّصنا، وهو المُرشِد لجميع القرارات في حياتنا.

ما معنى الكتاب المقدس؟

استَخدم كُتَّاب العهد الجديد الكلمة اليونانيَّة “βιβλία”والتي تعني (الكُتب)، في الإشارة منهم إلى الكُتب المقدَّسة التي هي “كلمة الله الكاملة المكتوبة المُوحى بها” (2 تيموثاوُس 16:3) والتي أعلنها للبشريَّة، وهذه الكُتب عددها 66 سِفر مجموعة في كتاب واحد وهو “الكتاب المقدَّس”.

من قام بكتابة الكتاب المقدس؟

قام بكتابة هذه الكُتب حوالي أربعين شخصاً مَسوقين بالرُّوح القدُس (2 بطرُس 21:1)، قاموا بتدوين ما أراد الرَّب منهم أن يكتبوه، وتمَّت كتابتهم في مدَّة زمنيَّة تمتدّ إلى 1500 عام، وقد كانوا من أُصول ومواهب مُختلفة، فكان منهم مُلوكاً (سليمان)، وكهَنة (إرميا)، ورُعاة أغنام (عاموس) وأطِبَّاء (لوقا( وصيَّادي سَمك (بطرُس ويوحنَّا)…

وبرغم اختلاف الأشخاص الذين قاموا بتدوين هذه الكُتب واختلاف الفترة الزَّمنيَّة بينهم، إلَّا أنَّنا نجد وحدة عجيبة تربط مواضيع الكتاب المقدَّس فيما بينها، وهذا يرجع إلى حقيقة أنَّ مؤلِّفها واحد وهو الرَّب نفسه.

ما هي أقسام الكتاب المقدس؟

ينقسم الكتاب المقدَّس إلى قسمين رئيسيين وهما:

العهد القديم:

يدور حول الفترة التي سبقَت ولادة يسوع المسيح، ويبدأ بخَلق الله للسَّماء والأرض والإنسان، والغرَض الأعظَم من الخَلق هو أن يعيش الإنسان لمجد الرَّب وفي حُبّ وانسجام تامّ معه أوَّلاً ومع بني البشر ثانياً، لكنَّ الإنسان في الفِردَوس كسَر هذا التَّناغُم التَّامّ وداسَ على محبَّة الرَّب، وبهذا انفصلَ الإنسان عن الله الذي هو مَصدر الحياة، فدخلَ الشَّرّ والموت والدَّمار إلى البشريَّة (اقرأ عن هذا في سِفر التَّكوين 3). لكنَّ الرَّب وعدَ بإعادتنا العاجِلة، وهذا الوَعد بالإعادة والاستِرداد يتمّ من خلال يسوع المسيح، ونجد أنَّ وَعد الله يمتدّ بشكل مُترابط من العهد القديم (أي من آدَم) مُروراً بالعُهود التي قطَعها الرَّب مع الأنبياء (نوح، إبراهيم، موسى، وداوُد).- العهد الجديد: يدور العهد الجديد حول تحقيق الوُعود التي قُطِعت في العهد القديم، وكيف جاء المسيح يسوع إلى الأرض وما علَّمَهُ للنَّاس وكيف عاش، وكيف أنَّ آلامه وموته جعلوا من المُمكن استعادة العلاقة بين الرَّب والناس من خلال الإيمان به وحده، وهذا هو السلام الحقيقي، كل هذا نرى وصفه في الأناجيل. وفي باقي العهد الجديد تطور حياة الجماعة المسيحيَّة في القرن الأوَّل الميلادي. أمَّا السِّفر الأخير من الكتاب المقدَّس فهو كِتاب رؤيا يسوع المسيح ليوحنَّا، وفيه يَصِف المُستقبَل وكيف سيعود يسوع إلى الأرض، وأنَّه بعد عودته ستكون هناك سماء جديدة وأرض جديدة حيث يكون للمؤمنين مَكان.

على ماذا يحتوي الكتاب المقدس؟

العهد القديم

يتكوَّن العهد القديم من 39 كِتاباً. في بداية تاريخ العالَم، كانت الأحداث تُنقَل شَفوِيّاً، لكنَّ موسى كتبَ لنا هذا التَّاريخ مُسجِّلا بدِقَّة قِصَص الأنبياء قبل الخُروج وخَلاص الرَّب للشَّعب العِبراني من مصر وتأسيس خيمة الاجتِماع والهيكَل لاحقاً. أوحى الرَّب إلى موسى الشَّريعة والتي تُعرَف بالتَّوراة. فيما بعد أُضيفَت كُتب الحِكمة والأنبياء. تمَّ نَسخ أسفار العهد القديم بدِقَّة وحِفظها في المَجامِع اليهوديَّة. علَّمَ يسوع فيما بعد من هذه الكُتب، وهي:

التَّوراة:

(التَّكوين، الخُروج، اللَّاويِّين، العَدَد، التَّثنِية).

الكتُب التَّاريخيَّة:

وهي إثني عشر كتاباً عن تاريخ شعب إسرائيل منذ وُصولهم إلى أرض كنعان وسَبيِهم وعَودَتهِم: (يَشوع، القُضاة، راعوث، صَموئيل الأوَّل والثَّاني، المُلوك الأوَّل والثَّاني، أخبار الأيَّام الأوَّل والثَّاني، عَزرا، نحَميا، أستير).

الكتُب الشِّعريَّة:

أو كتب الحكمة (أيُّوب، المَزامير، الأمثال، الجامِعة، نَشيد الأنشاد).

الكتُب النَّبوِيَّة:

وتنقسم إلى قسمين، الأنبياء الكِبار والأنبياء الصِّغار، وهذه التَّسميات تُشير إلى حَجم كُتبهم.

1. الأنبياء الكِبار: (إشَعياء، إرميا، مَراثي إرميا، حِزقِيال، دانيال).
2. الأنبياء الصِّغار: (هوشَع، يوئيل، عاموس، عوبَديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقُّوق، صفَنيا، حجَّي، زكريَّا، مَلاخي).

العهد الجديد

يتكون العهد الجديد من 27 كتاباً. تدور كُتب العهد الجديد حول حياة يسوع وتعاليمه، آلامه، موته وقيامته. بالإضافة إلى ذلك نجد تقارير ورسائل عن التَّجمُّعات المسيحيَّة الأولى التي ظهرَت بسرعة. توضح هذه الرَّسائل بشكل أساسي معنى تعليم يسوع وما يترتَّب على ذلك من نتائج في الحياة اليوميَّة للمؤمن. وقد كُتِبَ العهد الجديد باللُّغة اليونانيَّة، لغة العالَم آنذاك. وهذا مؤشِّر على أنَّ تعاليم يسوع ليست حصريَّة لليهود بل لجميع النَّاس في العالَم، ويضُمّ العهد الجديد:

الأناجيل:

وهي (إنجيل متَّى، إنجيل مَرقُس، إنجيل لوقا، إنجيل يوحنَّا).

أعمال الرُّسُل:

وهو كِتاب تاريخي عن جماعة المسيحيِّين الأوائل.

رسائل بولُس الرَّسول:

وهي (رسالة إلى أهل روما، رسالتين إلى أهل كورنثوس، رسالة إلى أهل غلاطية، رسالة إلى أهل أفَسُس، رسالة إلى أهل فيلِبّي، رسالة إلى أهل كولوسّي، رسالتين إلى أهل تسالونيكي، رسالتين إلى تيموثاوُس، رسالة إلى تيطُس، رسالة إلى فِليمون).

رسائل أُخرى:

وهي (الرِّسالة إلى العبرانيِّين، رسالة يعقوب، رسالة بطرس الأولى والثَّانية، رسالة يوحنَّا الأولى والثَّانية والثَّالثة، رسالة يَهوذا).

سِفر رؤيا يوحنَّا:

وهو كِتاب تنبؤئي.

لغات الكتاب المقدس

اللُّغة العبريَّة:

كُتِبَ العهد القديم لليهود النَّاطِقين بالعبريَّة، لذلك من المنطقي أن تتمّ كتابته بهذه اللُّغة.

اللُّغة الآراميَّة:

بعض أجزاء العهد القديم مكتوبة باللُّغة الآراميَّة.

اللُّغة اليونانيَّة:

كُتِبَ العهد الجديد باللُّغة اليونانيَّة.

ترجمات الكتاب المقدس

تُرجِم الكتاب المقدَّس عدَّة مرَّات على مَرّ العُصور، وهذا العمل لا يزال مُستمرّاً إلى يومنا هذا، فالقَصد هو أن يتمكَّن كل النَّاس من قراءته بلُغتهِم الخاصَّة لمعرفة كلمة الرَّب وخطَّته للفِداء.

كُتِبَ العهد القديم بالعبريَّة وكان يحمل رسالة خاصَّة للشَّعب اليهودي أوَّلاً ومن خلالهم للعالَم أجمَع، وهذه الرَّسالة هي كيف أراد أن يكون إلههم وكيف يجب أن يعيشوا ويعبُدوا الله ويكونوا قدوة للأُمَم من حولهم. لكن العديد من اليهود بعد السَّبي كانوا يعيشون في بابِل خارج أرض إسرائيل، وفي تلك المرحلة أصبحت معرفتهم باللُّغة العبريَّة تتضاءَل، وقد زاد تأثير انتشار الحضارة اليونانيَّة الهيلينيَّة على اليهود حينها. لذلك قرَّر عُلَماء اليهود (قبل حوالي 200 سنة قبل المسيح) ترجَمة التنَّاخ (العهد القديم) إلى اليونانيَّة التي كانت شائعة الاستخدام في ذلك الحين، وقد كُتِبَ العهد الجديد أيضاً بها والذي نرى فيه أنَّ يسوع يَقتبس من التَّرجمة اليونانيَّة للعهد القديم والتي عُرِفَت لاحقاً (بالتَّرجمة السَّبعينيَّة). وهذا أحد الأسباب التي تجعل المسيحيِّين يشعرون بالحُرِّيَّة في ترجَمة كلمة الرَّب إلى كل لُغات العالَم.

هل حرف البشر الكتاب المقدس؟‏

لقد قارَن العُلَماء بدِقَّة مَخطوطات الكتاب المقدَّس عبر كل العُصور بالكتاب المقدَّس الموجود بين أيدينا اليوم،‏ ووجدوا أنَّه نفس النَّص بنسبة تَصِل إلى 99 بالمئة وأنَّه لم تدخُل عليه أيَّة تغييرات جوهريَّة.‏ فالرَّب حَفظه لنا لأنَّه يُريد أن يقرأ النَّاس وَحيه الإلهي ويَفهموه جيّداً، لذلك لم ولن يسمح لأحد أبداً بأن يُغيِّر في نَصّ الكتاب المقدَّس أو يتلاعب به.‏‏ (إشَعياء 8:40).

وأخيراً فإنَّ اتِّهام الكتاب المقدَّس بالتَّحريف، هو طَعن بالذَّات الإلهيَّة وتوجيه الاتِّهام للرَّب بعدَم قُدرته على حِفظ وَحيهِ المكتوب.

---

مقالات مُشابِهة

كيف أبحث في الكتاب المقدس؟
ما رأي الكتاب المقدس في النميمة؟
آيات من الكتاب المقدس حول قيادة الآخرين إلى المسيح

---